responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 471
الْمُشَابَهَةُ فِي التَّقْدِيرِ الِاعْتِبَارِيِّ، أَيْ أَنْ يَكُونُ الذِّكْرُ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ عَلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ وَالْجَزَاءِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ الْمُجَازَى بِهِ شَيْءٌ آخَرُ يُعْتَبَرُ كَالْمُشَابِهِ لَهُ، وَلِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمِقْدَارِ، وَقَدْ يُسَمُّونَ هَذِهِ الْكَافَ كَافَ التَّعْلِيلِ، وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادٌ مِنَ التَّشْبِيهِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى قدر الْمَعْلُول.
[240]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 240]
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)
مَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ [الْبَقَرَة: 243] إِلَى آخِرِهَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ فَإِنَّ حُكْمَهَا يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ حُكْمَ نَظِيرَتِهَا الَّتِي تَقَدَّمَتْ، وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ هَاتِهِ الْآيَةُ سَابِقَةٌ فِي النُّزُولِ عَلَى آيَةِ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ يَزْدَادُ مَوْقِعُهَا غَرَابَةً إِذْ هِيَ سَابِقَةٌ فِي النُّزُولِ مُتَأَخِّرَةً فِي الْوَضْعِ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ شَرَعَتْ حُكْمَ تَرَبُّصِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَوْلًا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَبِالْمِيرَاثِ، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:
«قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلَمْ تَكْتُبْهَا، قَالَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ عَن مَكَانَهُ بِابْن أَخِي» فَاقْتَضَى أَنَّ هَذَا هُوَ مَوْضِعُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا نَاسِخَةٌ لَهَا، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ وَضْعُهَا هُنَا بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ عُثْمَانَ «لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ عَنْ مَكَانِهِ» وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَرَادَ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى آيَةَ سُورَةِ النِّسَاءِ فِي الْمِيرَاثِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ مُجَاهِدٌ «شَرَعَ اللَّهُ الْعِدَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبًا، ثُمَّ نَزَلَتْ وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا يَوْمَئِذٍ مِيرَاثٌ مُعَيَّنٌ، فَكَانَ ذَلِكَ حَقَّهَا فِي تَرِكَةِ زَوْجِهَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ» فَلَا تَعَرُّضَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلْعِدَّةِ وَلَكِنَّهَا فِي بَيَانِ حُكْمٍ آخَرَ وَهُوَ إِيجَابُ الْوَصِيَّةِ لَهَا بِالسُّكْنَى حَوْلًا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَبِسَ عَنِ التَّزَوُّجِ حَوْلًا مُرَاعَاةً
لِمَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست